الموالد في مصر

برغم اعتبار الاحتفال بالموالد سواء كانت دينية أو بأولياء الله الصالحين بدعة، إلا أن الموالد في مصر من أهم المظاهر التي تعكس الثقافة الشعبية التراثية بجوار الجانب الديني لهذه الاحتفالات.

الاحتفال بالموالد في مصر

تنتشر مظاهر البهجة والاحتفالات بالشوارع والأحياء وتحديداً القرى المصرية، كما تمتلئ الأسواق بالحلوى كمظهر من مظاهر الاحتفال بالموالد، والموالد تنقسم إلى “دينية” (كالمولد النبوي الشريف)، (وليلة الإسراء والمعراج)، (وليلة النصف من شهر شعبان حسب التقويم الهجري)، وإلى احتفالات بموالد “أولياء الله الصالحين” (كمولد الحسين)، (ومولد السيدة زينب)، وأغلب من يحتفلون بهذه الموالد هم الصوفية.

المولد النبوي

تبدأ مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف منذ بداية شهر ربيع الأول حتى نهايته حسب التقويم الهجري ويكون الاحتفال الفعلي لدى السنة بتاريخ (12 من ربيع الأول)، بينما لدى الشيعة بتاريخ (17 من ربيع الأول)، تنتشر بالأسواق ما تسمى بحلوى المولد كالحلوى المصنعة من السكر على هيئة (عروسة) أو (حصان)، وحلوى السمسمية والفولية والحمصية وغيرهم، يشتريها الناس لأنفسهم ولمهاداة غيرهم، وتنتشر جماعات من الناس سواء سيراً بالشوارع أو بحلقات ذكر مرددين قصائد مدح للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولذكر شمائله أو خصائصه.

مولد الحسين

يتم الاحتفال بمولد الحسين رضي الله عنه مرتين كل عام، الأولى بذكرى مولده بتاريخ (3 شعبان) حسب التقويم الهجري، والثانية لذكرى استقرار رأسه بالقاهرة (الأسبوع الأخير من شهر ربيع الثاني)، وأغلب الذين يحتفلون بذكرى مولده من الطائفة الشيعية، استشهد حفيد الرسول الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب في معركة كربلاء، الأمر الذي سبب صدمة للمسلمين، ويقال أن رأسه بعد أن قطعه شمر بن ذي الجوشن وظل بعسقلان مدة 500 سنة تقريباً حتى ذهب ابن بدر الدين الجمالي وأحضر الرأس إلى مصر عام 548 هجرية، وتتم الاحتفالات بمولده في منطقة الجمالية بالقاهرة حيث مسجد الحسين، ويجتمع الصوفية والطائفة الشيعية لزيارة مقامه داخل المسجد والقيام بقراءة سورة الفاتحة والأدعية وقصائد المدح.

مولد السيدة زينب

السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وبنت فاطمة الزهراء رضي الله عنها، أخت الحسن والحسين، حفيدة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يطلق عليها المصريون “أم العواجز” وذلك بسبب أنها كانت كثيرة العطاء والمساعدة للعجزة والمحتاجين وأيضاً “رئيسة الديوان” و”عقيلة بني هاشم”، أتت إلى مصر في العام 61 هجرية بعد معركة كربلاء واستشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب مصطحبة معها ابنه وبناته (على، وفاطمة، وسكينة)، يتم الاحتفال بذكرى مولدها في يوم الثلاثاء الأخير من شهر رجب حسب التوقيت الهجري من كل عام، في مسجدها “مسجد السيدة زينب” الواقع أيضاً “بحي السيدة زينب”، تستمر طقوس الاحتفال بالمولد قرابة الأسبوع تقريباً، حيث يحتشد الناس القادمين من كل بقاع مصر للتضرع أمام ضريحها التي يعتقد أنها دفنت فيه، وللدعاء أيضاً أمام هذا الضريح، بالإضافة لإقامة حلقات الذكر بالحي.

مولد السيدة نفيسة

السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ابن أبي طالب، كانت أثناء إقامتها في مصر تلقي علمها على الناس، ومن القصص التي عرفت عنها والتي جعلت الناس يتباركون بها، أن إحدى السيدات طلبت منها أن تسكن معها فوافقت، وأثناء إقامتها هناك أتت جارة يهودية لهم تترك ابنتها معها لبعض الوقت، وكانت هذه الفتاة مصابة بالعجز، وأثناء قيام السيدة نفيسة بالوضوء للذهاب للصلاة كانت الفتاة تراقبها، حتى استطاعت الفتاة الزحف وما إن بدأت في أن تقلدها وتغسل قدميها فزال العجز عنها، الأمر الذي أذهل الجميع حتى أنه تسبب في دخول العديد من اليهود حينها في الإسلام، وحينما توفت السيدة نفيسة تم دفنها في مصر بعد أن كان زوجها معارضاً للأمر ولكنه تراجع بعد أن رأى النبي محمد في منامه يأمره بأن يلبي طلب المصريين ويعيد لهم أموالهم التي أعطوها لها طلباً في أن تدفن بأرض مصر، وبالفعل تم دفنها في أرض مصر، يتم الاستعداد للاحتفال بمولدها بإقامة الخيام في الحي لحلقات الذكر والابتهالات وتعليق الزينة، وقدوم وفود من المصريين للتبريكات والاحتفال، ويتم توزيع لحوم الذبائح التي يتم ذبحها طوال الأسبوع على المساكين والمحتاجين.