رمسيس الأول

تولى رمسيس الأول حكم مصر بعد موت القائد العسكري العظيم حور محب، وأغلب إنجازاته كانت أثناء عمله في الجيش في عصر حور محب حيث أن مدة حكمه لم تدم طويلاً، فقد حكم تقريباً مدة عامين فقط.
بداية رمسيس الأول وعمله في الجيش المصري
كان يدعى قبل توليه عرش مصر (بارعمسيس أو بارعمسو)، وكان من إحدى قرى منطقة الدلتا، وقد أتى من عائلة كان لأغلبها مناصب قوية في الجيش المصري ولكنها لم تكن أسرة ملكية، وكان أبوه يتولى منصب رئيس الرماة في الجيش، وخلال فترة خدمته في الجيش تولى العديد من المناصب الهامة التي أهلته فيما بعد ليكون ملكاً على مصر، ومن أبرز هذه المناصب أنه في إحدى فترات خدمته تم تعيينه قائداً على قلعة تسمى سيلا تقع في منطقة تل أبو صيفي في سيناء، وكانت هذه القلعة تتميز لموقعها حيث أنها كانت تعتبر من أهم المناطق والمراكز والحاميات للجيش المصري والدولة، وبالتالي فإن رمسيس الأول كان من أهم القادة الذين يتولون حماية حدود البلاد من النواحي الشمالية الشرقية وكان ذلك خلال فترة حكم إخناتون وتوت عنخ آمون.
حتى أتى (آي) وحاول التخلص من الداعمين والموالين لإخناتون وتوت عنخ آمون حتى أنه تخلص من القادة القدامى وحاول تعيين قادة جدد ليكون ولائهم له، فقام باختيار رمسيس الأول ليكون قائداً لسلاح الفرسان، فأصبح بذلك قائداً على سلاح كامل بالجيش، وكان نفسه هو السلاح الذي تولى قيادته (آي) قبل توليه الحكم، ولكن (آي) لم يكن يعلم أن ولاء رمسيس ليس له وإنما لحور محب، وبالتالي ذكر المؤرخون أنه كان من ضمن القادة الذين ساعدوا حور محب على الوصول للحكم، وبعد تولي حور محب الحكم كان رمسيس الأول مسانداً وداعماً له طوال الوقت كما أنه كان يتواجد بجواره في حروبه ضد الحيثيين وحروبه التي خاضها في أرض كنعان وحملاته في القضاء على التمرد وغيره، وأنشأ هذا القرب بينهم علاقة قوية يسودها الود والثقة والتناغم.
لم يكن خلال هذا العصر والعصور القليلة التي سبقته وجوداً لمنصب الوزير خوفاً من حدوث انقلابات وغيره، وأجله حور محب أيضاً بسبب الفساد الذي كان منتشر حينها، ولكن في النهاية قام حور محب بتنصيب رمسيس الأول وزيراً بسبب الثقة التي كانت بينهم.
رمسيس الأول ملكاً على مصر
بعد وفاة حور محب لم يوجد له وريثاً شرعياً لتولي الحكم، لذلك اجتمع كبار قادة الجيش المصري لاختيار شخص ذو كفاءة ليتمكن من تولي حكم المملكة المصرية القديمة، وبسبب مدى كفاءة بارعمسيس وتوليه لمناصب هامة في الجيش وولائه لحور محب وملازمته له خلال فترة حكمه وحروبه وحملاته، وقع الاختيار عليه ليصبح ملكاً على مصر.
وبمجرد توليه الحكم قام بتغيير اسمه لرمسيس الأول اعتباراً أن من سيأتي بعده سيكون الثاني والثالث نتيجة لتوريث الحكم، كما أنه لقب نفسه بعدة ألقاب منها ملك الوجه القبلي أو ملك الوجهين والحاكم على الأرض وصاحب الملك الزاهر والثور القوي وابن الشمس وغيرهم.
ونتيجة لأنه تولى الحكم وسنه كبير فقد دامت مدة حكمه قرابة عامين تقريباً، وخلال هذه الفترة سار على نفس نهج الملك حور محب وأكمل الإصلاحات التي كان يقوم بها في سبيل النهوض بمصر مرة أخرى بعد فترات الضعف التي حلت بها خلال نهايات الأسرة الثامنة عشر، وبذل جهداً كبيراً في القضاء على الفساد الداخلي الذي كان يحاول حور محب القضاء عليه أيضاً وبذل محاولات في سبيل تقوية الإدارة والحكومة المصرية وإعادة هيكلة الجيش مرة أخرى، وذلك كان من أجل أن يتيح الفرصة لأبنائه من بعده لإعادة الفتوحات الخارجية مرة أخرى، كما أنه كان يؤهل أبنائه ليصبحوا قادة من بعده.
وعرف رمسيس الأول بتأسيسه للأسرة التاسعة عشر (بداية عصر الرعامسة).
آثار رمسيس الأول
ترك مؤسس الأسرة التاسعة عشر قاعة الأعمدة الكبرى والتي تتواجد في معبد الكرنك وهي أكبر قاعة للأعمدة في مصر، حيث أنه أول من شرع في بنائها وأكملها ابنه سيتي من بعده، ويبلغ طولها حوالي 170 قدم وعرضها حوالي 338 قدم ومساحتها تتخطى 5000 م²، وتلك الأعمدة منظمة على هيئة 16 صفاً ولكل عمود تيجان على هيئة زهرة نبات البردي.
ونتيجة لقِصر مدة حكمه فلم تكن مقبرته كبيرة كفاية فكانت تتكون من حجرتين فقط غير مزينتين على عكس غرفة الدفن فقد تم تزيينها، وخلال عصر الأسرة العشرين وقت الاضمحلال كان هناك حملة ممنهجة لسرقة مقابر الأسرة التاسعة عشر لذلك وجدت مقبرة رمسيس الأول وقد تمت سرقتها بالكامل، ولكن بسبب علمهم بهذه السرقات فقد تم الحفاظ على المومياء الخاصة بالملك فقط من ضمن مقتنيات المقبرة حيث أنهم كانوا ينقلون المومياوات لأماكن متفرقة حفاظاً عليها من سارقي القبور، ولكن لم تنج المومياء من السرقة أيضاً فقد تمت سرقتها هي الأخرى وبيعها ولكن استقر الأمر بها بعد التأكد من أنها تعود لرمسيس الأول بأن تم إعادتها لمصر في العام 2003 م.