رمسيس الثاني

يعتبر رمسيس الثاني من أهم وأشهر الملوك الذين حكموا سواء في العصر القديم أو العصر الحديث، وهو أشهر ملوك الأسرة التاسعة عشر، وصاحب انجازات عديدة وترك آثار كثيرة وعظيمة.
حياة رمسيس الثاني
الملك رمسيس الثاني هو ابن الملك سيتي الأول ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشر وحفيد الملك رمسيس الأول مؤسس عصر الرعامسة، وكان والدته الملكة تويا التي لم تكن من دماء ملكية خالصة وكانت من عامة الشعب ولكنها أتت من أسرة مرموقة.
كان رمسيس الثاني منذ صغر سنه يراه والده صاحب كفاءة وقدرة على أن يكون حاكماً للإمبراطورية المصرية على الرغم أن دمائه لم تكن ملكية خالصة، وكان يؤهله لذلك من سن صغير، وحتى أنه أطلق عليه الحاكم الشريك لوالده، وكان رمسيس الثاني بالفعل ملازماً لوالده سيتي الأول في حملاته العسكرية التي كان يقوم بها، وكان والده يكلفه بمهام كثيرة حتى أنه قاد حملة عسكرية بنفسه في سن الثانية والعشرين وكان يقوم بالإشراف على المعابد والقصور وأغلب البنايات الهامة بالدولة بنفسه وأشهر هذه البنايات هو معبد أبيدوس، الأمر الذي أكسبه خبرات متعددة عسكرية وإدارية وغيرها.
وبجانب هذا الاهتمام بشئون البلاد بجوار والده، كان على الناحية الشخصية معروف بحبه للنساء، فكانت لديه العديد من الزوجات وأشهرهم الملكة نفرتاري، وبسبب زيجاته العديدة كان لديه حوالي 27 ابناً و11 بنتاً.
وفي العام 129 ق.م وحين كان يبلغ رمسيس الثاني سن الخامسة والعشرين توفى أبوه الملك سيتي الأول ليتولى هو حكم الإمبراطورية المصرية.
فترة حكم رمسيس الثاني وأهم معاركه
كانت هناك نزاعات في وقت سابق بين المملكة المصرية والمملكة الحيثية ولكن حينما تولى رمسيس الثاني الحكم كانت هناك فترة هدنة بين المملكتين، مما جعل الملك يتفرغ للاهتمام بشئون البلد الداخلية من إكمال المشاريع والبنايات التي كان يتم إنشائها، والسيطرة على التمردات الداخلية، والإشراف على المحاجر والمناجم ومراقبة الخزانة العامة للدولة، وغيرهم من الشئون الداخلية.
وبعد حوالي خمسة سنوات من حكمة قرر التصدي للحيثيين والقضاء عليهم، فبدأ بالاستعداد وحشد الجنود ليقوم بالمعركة الأشهر في تاريخه وهي معركة قادش التي حدثت على عدة جولات.
وكان حينها الجيش ينقسم لأربعة فيالق، فيلق آمون، فيلق رع، فيلق بتاح، فيلق سِت، وحدثت خلال الحرب عدة مكائد حيث حاول قائد الجيش الحيثي إرسال أخبار غير صحيحة من أجل تشتيت الجيش وبالفعل استطاع بذلك وبتسرع رمسيس الثاني أن يقضي على الفيلق الثاني (فيلق رع)، ولكن مع إدراك رمسيس الثاني لهذا الأمر وبمساعدة الدعم الذي أتى إليه من كنعان، تمكن من أن يسيطر على الجيش الحيثي وحبسه بين جيشه وبين نهر العاصي فتهرب الجنود الحيثية تاركة معداتها، وبالرغم من ذلك إلا أن انتهاء تلك الحرب لم يكلل بانتصار أي من الجيشين.
وفي جولة أخرى من حروب قادش كانت معركة دابور التي استطاع خلالها رمسيس الثاني وجنوده من تخطي الحدود والمرور حتى بلوغ منطقة دابور التي تقع في سوريا وبالفعل استطاعوا من محاصرتها وإخضاعها بانتصار ساحق، ولكن مع مغادرته لمنطقة كنعان سيطر الحيثيين على تلك المنطقة مرة أخرى، ولكن بسبب انشغال الملك بالأمور الأخرى ترك الأمر هكذا لفترات كبيرة، ولكنه حينما أنهى أموره أراد استرداد تلك المنطقة مرة أخرى حتى أنه وضع في مقدمة الجيش 6 من أبنائه، ولكن لم تحقق المعركة أيضاً انتصار أي من الجيشين، نظراً للتكافؤ الذي كان بينهم.
وبعد مرور كل هذه الحروب قرر كلاً من رمسيس الثاني وملك الحيثيين من عقد معاهدة سلام التي هي من أهم وأقدم وأشهر معاهدات السلام في التاريخ.
ومن ضمن الحروب التي خاضها رمسيس الثاني أيضاً هي حربه على شعوب البحر والذين كانوا عبارة عن قراصنة يسيطرون على البحر الأبيض المتوسط وينهبون أي سفينة تمر بطول البحر وكانوا متمرسين في ذلك، ولكن بذكاء رمسيس الثاني وخطته التي وضعها استطاع القضاء عليهم وتدميرهم.
بعد معاهدة السلام الشهيرة بينه وبين الحيثيين حدث أن قرر الملك الحيثي أن يأتي في زيارة لمصر من خلال وفد وكان هذا الموكب يضم العديد من القادة والشخصيات الهامة والمرموقة في المملكة الحيثية، حتى أن لضخامة هذا الحدث حينها ذهب رمسيس الثاني بنفسه لاستقبال الملك الحيثي في أرض فلسطين وعادوا لمصر سوياً ومن ضمن هذا الوفد كان هناك إحدى بنات الملك الحيثي الذي أتى بها لتتزوج من الملك رمسيس الثاني وبالفعل في نهاية الاحتفالات التي أقاموها ترحيباً بالوفد تم الإعلان عن زواجه منها وتمت تسميتها بالملكة “مات نفرو رع”، الأمر الذي استغله رمسيس الثاني لصالحه ليبرز مدى قوته ونفوذه على الممالك الأخرى أمام شعبه والشعوب الأخرى.
آثار ومعابد
قام رمسيس الثاني ببناء العديد من المعابد وترك الكثير من الآثار، وتعرف المعابد التي بناها بأنه تم نحتها داخل الصخور وليس عن طريق قص ونقل الحجارة.
ومن ضمن المعابد التي بناها كان معبد بيت الوالي في منطقة النوبة والذي كان يتميز بجمال وتنسيق جدرانه، وجداريات هذا المعبد تحمل تصويراً حقيقياً لحياة المصري القديم بالإضافة لتصورات حقيقية لحياة الملك رمسيس الثاني، ولإثبات نفوذه على هذه المنطقة (النوبة) قام بتوثيق انتصاراته عليهم على الجدران.
كما قام أيضاً ببناء معبد بيت بتاح أو جرف حسين الذي يطل مباشرة على نهر النيل.
ومن أشهر المعابد وأهمها هو معبد أبو سمبل الكبير الذي يعتبر أضخم بنايات هذا العصر، والذي يشتهر بالحدث السنوي الذي يقصده الناس لمشاهدته وهو تعامد أشعة الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني لعدة دقائق خلال يومان فقط كل عام وهم الحادي والعشرين من فبراير والثاني والعشرين من أكتوبر، الأمر الذي يوضح مدى تطور المصري القديم في كل المجالات.
كما يوجد أيضاً معبد أبو سمبل الصغير أو معبد حتحور أو معبد نفرتاري الذي بناه رمسيس الثاني ليخلد اسم زوجته الملكة نفرتاري، كما أن التماثيل التي بناها لزوجته على واجهة المعبد والتي تضاهي حجم تماثيله كملك توضح مدى حبه لها، ويتواجد هذا المعبد على بعد 100 متر تقريباً من المعبد الكبير.
كما أنه أقام توسعات في معبد الأقصر، وأكمل قاعة الأعمدة الكبرى في معبد الكرنك.
مقبرة رمسيس الثاني
مات الملك رمسيس الثاني تاركاً مقبرة من أجمل مقابر وادي الملوك، ولكن مع الأسف بسبب الحملات الممنهجة التي كانت تحدث لسرقة مقابر الرعامسة وُجِدت المقبرة مليئة بالرمال والطين ومسروقة ولكنه تم ترميمها الآن، وبسبب علم الملوك الذين تبعوا رمسيس الثاني بهذه السرقات كانوا ينقلون المومياوات لخبيئة بالأقصر، وبالفعل وُجِدت مومياء رمسيس الثاني فيما بعد.