قلعة صلاح الدين

قلعة صلاح الدين من أهم معالم مدينة القاهرة التاريخية والإسلامية ومن أفخم القلاع الحربية، تم إنشائها في العصور الوسطى وتحديداً العصر الأيوبي بأمر من الناصر صلاح الدين الأيوبي، لتكون مقراً لحكام مصر على مر العصور وحتى بناء قصر عابدين، وشهدت القلعة عدة أحداث تاريخية مهمة في التاريخ المصري، وتتميز بموقع استراتيجي في وسط مدينة القاهرة أعلى جبل المقطم وإطلالة كاملة على معالم القاهرة.
تاريخ وسبب بناء قلعة صلاح الدين
بعد تولى الناصر صلاح الدين الأيوبي حكم مصر، وقام بالتصدي للحملات الصليبية، واستمر في جهاده في سبيل الله، وقام تدريجياً بالقضاء على المذهب الشيعي الذي كان يغزو مصر أثناء الدولة الفاطمية وقام بنشر المذهب السني، بدأ عصر جديد بمصر (عصر الدولة الأيوبية).
رفض صلاح الدين حينها أن يسكن أي من قصور الفاطميين بسبب انتشار الأشياء التي كانت تخالف مبادئه بها، كما أن مصر كانت لم تتخلص نهائياً من خطر الصليبيين، لذلك قرر اختيار مكان مناسب لبناء حصن منيع يتمكن من خلاله الإشراف على القاهرة وليدير شئون البلاد، وأن يكون هذا الحصن مصداً مهيباً ضد هجمات الصليبيين والفاطميين، ويقال أن بهذا المقر قام بوضع قطعة من لحم الحيوان والتي لم تفسد إلى بعد مرور عدة أيام، لذا وقع اختياره على المكان الذي يقع بحي القلعة ليبنيها فوق إحدى الربى المنفصلة عن جبل المقطم.
لتظل القلعة مقراً لإقامة حكام مصر على مر السنين حتى تم بناء قصر عابدين.
مما تتكون قلعة صلاح الدين
تتميز قلعة صلاح الدين الأيوبي عن غيرها من القلاع بأنها ليست مجرد قلعة أو حصن تقليدي للتصدي للهجمات والأعداء فقط، وإنما أصبحت كمدينة كاملة تضم أعداداً من المساجد والمصانع والقصور والمتاحف والمدارس والعديد من المنشآت الأخرى.
تضم هذه القلعة المهيبة 4 قصور وهم “قصر الجوهرة”، و”قصر الحرم” وكلاهما بنيا خلال حكم (محمد علي باشا)، و”قصر ساري العدل”، و”قصر الأبلق” الذي قام ببنائه الناصر محمد بن قلاوون.
وتوجد 3 مساجد وهم “مسجد محمد علي باشا”، و”مسجد سليمان باشا”، و”مسجد ناصر محمد” والذي يعرف بالمسجد المملوكي لبنائه خلال العصر المملوكي.
كما تضم القلعة بئراً قام الناصر صلاح الدين بحفره والذي يعرف “ببئر يوسف”، يصل عمقه إلى حوالي 90 متر تم حفر 85 متر منهم في الصخر، يتكون هذا البئر من جزأين ليسا على استقامة واحدة لذا يطلق عليه بعض المؤرخين اسم “بئرين”، تبلغ مساحة البئر من أسفل حوالي 2.3 م²، وتبلغ مساحته من أعلى 5 م²، وكان يتم تشغيله بواسطة الثيران.
وللقلعة 4 أبواب:
- الباب القديم: والذي كان يسمى بباب المقطم، وحالياً يسمى ببوابة صلاح سالم، مر هذا الباب بالعديد من الأحداث التي أخفت ملامحه حتى تم فتحه مجدداً بواسطة المجلس الأعلى للآثار.
- الباب الجديد: والذي قام ببنائه محمد علي باشا ليستخدمه في مرور المدافع الحربية بسبب أنه وجد الباب الرئيسي لا يناسب هذا الأمر.
- الباب الوسطاني: ذُكِر أنه سمي بهذا الاسم بسبب أنه يتوسط كلاً من (ديوان الغوري) و(ديوان قايتباي)، أو لأنه كان يفصل الدهليز البحري للقلعة والحوش الذي يضم مسجد ناصر محمد.
- باب العزب: يشبه باب زويله في تكوينه، وتتواجد به سقاطة كانت تستخدم لسكب الزيت الساخن على من يحاول اقتحام الباب وفتحه عنوة، هذا الباب قام الخديوي إسماعيل بتجديده، وهو الشاهد على مذبحة القلعة.
وهناك 3 متاحف وهم (متحف النقل) الذي يضم سيارات أثرية ملكية تعود لفترات عهد الخديوي إسماعيل وحتى الملك فاروق، و(متحف قصر الجوهرة) الذي يضم عرش محمد علي باشا، و(المتحف العسكري).
و13 برج هم المقطم، والصفة، وكركيلان، والمقوصر، والقرافة، والعلوة، والمربع، والرملة، والصحراء، والمطار، والمبلط، والطرفة، والحداد.
وتنقسم القلعة لساحتين بواسطة سورين، أحد هاذين السورين يطلق عليه (قلعة صلاح الدين) أو (قلعة الجبل) ويقع شمالاً، ويقع الآخر الذي يسمى (بالقلعة) في الناحية الجنوبية.
مذبحة القلعة
من أشهر الحوادث التي تم ذكرها في التاريخ المصري، وتسمى بمذبحة القلعة أو مذبحة المماليك، وحدثت في العام 1811م، عندما أعد محمد علي باشا حفلاً ضخماً لتقليد ابنه “أحمد طوسون باشا” خلعة القيادة لتوليه قيادة الجيش الذاهب إلى نجد في السعودية، ودعى لهذا الحفل كبار الدولة والمماليك والذي حضر منهم 470 مملوكي، وأثناء سير الموكب قام جنوده بمحاصرتهم عند باب العزب وأطلقوا عليهم الرصاص حتى سقط أغلبهم ميتاً، والباقي قاموا بذبحهم، ولم ينج منهم سوى شخص واحد استطاع الفرار بحصانه ويدعى (أمين بك).