موائد الرحمن الرمضانية

جدول المحتويات
تنتشر موائد الرحمن الرمضانية في جميع البلاد الإسلامية طوال شهر رمضان المبارك، اقتداءً بما فعله الرسول مع وفد الطائف، وانعكاساً لمدى الكرم والترابط الاجتماعي بين المسلمين.
موائد الرحمن منذ عهد النبي
قبل ثلاثة أعوام من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الطائف حيث تواجدت ثقيف هناك لحثهم على الدخول في الإسلام، لكن تمت مهاجمته لدرجة قذفه بالحجارة حتى سال دمه، وبعد مرور حوالي 12 عام وتحديداً في العام التاسع من الهجرة بعد أن أصبح الإسلام قوة مسيطرة جاءوا إلى المدينة لإعلان دخولهم في الإسلام، وحينها صار النبي يرسل لهم الطعام مع بلال بن رباح، واقتدى به الخلفاء الراشدين من بعده.
تسميتها بهذا الاسم
تقول بعض الآراء أنه تمت تسميتها بهذا الاسم كاقتباس من سورة المائدة في القرآن الكريم، فيقول الله تعالى من الآية (112: 115) “إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين (112) قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين (113) قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين (114) قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين (115)” (صدق الله العظيم)، فمن هنا تمت تسميتها بالموائد.
وفي روايات أخرى أنه كان هناك شخص يدعى “عبد الرحمن” كان محباً لعمل الخير ومساعدة الفقراء، فكان يعد خارج منزله موائد طعام للمحتاجين وعابري السبيل، فمن هنا سميت بموائد الرحمن.
بداية موائد الرحمن في مصر
تختلف الروايات حول حقيقة بداية ظهور موائد الرحمن الرمضانية في مصر، منهم أنها ظهرت في أثناء الدولة الطولونية، بداية من تأسيسها على يد أبو العباس أحمد ابن طولون الذي استقل عن الخلافة العباسية، والذي قال عنه المؤرخ “ابن الأثير الجزري” (كان عاقلاً حازماً، كثير المعروف والصدقة، متديناً يحب العلماء وأهل الدين، وعمل كثيراً من أعمال البر ومصالح المسلمين)، فقام أحمد ابن طولون بعد 4 أعوام من ولايته بجمع كبار وأعيان الدولة والتجار ليحثهم على عون الفقراء والمحتاجين، وكان يقوم بعمل تلك الموائد طوال شهر رمضان، وفي إحدى خطبه قال (إني جامعكم حول تلك الأسمطة لأعلمكم طريق البر بالناس)، وفي العام 880م أصدر أمر بتعميم تلك موائد الرحمن الرمضانية في جميع أنحاء الدولة الطولونية وأن تنتشر في الأماكن العامة المعروفة حتى يسهل وصل المحتاجين إليها.
وفي روايات أخرى أنها ظهرت في عصر الدولة الفاطمية حيث أن المعز لدين الله الفاطمي كان يؤسسها ليتناول منها المصلين بجامع عمرو بن العاص، بجانب أنه كان يقوم بتوزيع الأطعمة التي يتم إعدادها داخل قصره على الفقراء والمساكين.
موائد الرحمن الآن
تنتشر موائد الرحمن الرمضانية حتى يومنا هذا بكافة الدول الإسلامية، فلم تعد تقتصر على إطعام الفقراء والمحتاجين فقط، وإنما أيضاً لعابري الطريق، الأمر الذي أصبح يمنع الخجل والحرج عن الفقراء، إذ أن مائدة الرحمن الآن أصبح يجتمع عليها كل الفئات فلا تستطيع التفرقة بين غني وفقير، وفي مصر يقوم سكان بعض الأحياء بإقامة هذه الموائد لكل سكان المكان مما يرفع الحرج عن المحتاج فيدخلون البهجة والسرور على قلبه، ولم يقف الأمر على موائد الرحمن فقط، وإنما يقومون من لديهم القدرة المادية من تجهيز الطعام والوقوف بها على الطرق العامة وتوزيعها على المارة في وقت الإفطار، وسيظل شهر رمضان المبارك هو شهر زيادة الخيرات على جميع المسلمين.